فقدان الوثائق المدنية تحرم الأطفال من الالتحاق بالمدارس .. ما الحل؟

إنقاذ الأرواح تكون الغاية الأساسية عند المدنيين في الحروب، حيث يحاولون النجاة بأنفسهم والنزوح إلى مناطق أكثر أماناً، وبذلك يفقد الكثيرون منهم جلّ ما يملكون، لكن الكارثة الحقيقية تكمن بفقدانهم للأوراق الثبوتية الخاصة بالأحوال المدنية والعقارية وغيرها.

في رحلة النجاة التي عبرها مئات الآلاف من السوريين هرباً من القصف والقتل، فقدت أغلب العائلات وثائقهم القانونية من هويات أو دفاتر عائلية أو وثائق ملكية عقارية بسبب القصف والدمار في المناطق التي نزحت منها هذه العائلات، كما ازدادت حالات الزواج والولادة غير المسجلة قانونياً بالإضافة إلى وجود أطفال مجهولي النسب.

فقدان الوثائق المدنية يسبب العديد من المعوقات والمشاكل فلا يمكن تسجيل الأطفال في المدارس أو دخولهم المشافي أو المستوصفات بدون هوية شخصية قانونية، كما تزيد احتمالية حرمان المرأة المطلقة من حقها في المطالبة بالمهر أو النفقة أو المسكن الشرعي إذا كان زواجها وطلاقها غير مسجل قانونياً، بالإضافة إلى حرمان العائلات من حق الاستفادة من المساعدات الإنسانية المستحقة، وغيرها من المشاكل التي تظهر يوماً بعد يوم

 

تعمل إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، على تنفيذ جلسات رفع الوعي القانوني بالإضافة إلى الاستشارات القانونية للمستفيدين حول القضايا المدنية والعقارية في مناطق عديدة بريف حلب الشمالي وريف حلب الغربي بالإضافة إلى إدلب.

يقول حسين الخطيب وهو مسؤول ميداني لقسم الحماية العامة بريف حلب الشمالي في إحسان، أن عدم تسجيل الزواج والولادات تسبب عوائق قانونية بسبب وجود إجراءات لاحقة مثل تسجيل الأطفال في المدارس مما يضطر الشخص إلى تثبيت زواجه ومن ثم تسجيل الولادة ليتم تسجيل الطفل بشكل قانوني، فهناك العديد من الأطفال غير قادرين على الالتحاق بالمدارس لعدم تسجيلهم بشكل رسمي في البيان العائلي لأسرهم وامتلاكهم هوية شخصية صادرة عن مديرية الأحوال المدنية في المنطقة.

جلسات التوعية تتضمن الحديث عن الشؤون والقضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية (الزواج- تسجيل الولادة – تسجيل الوفاة والطلاق…) وجلسات توعية تخص قضايا الملكية (طرق إثبات الملكية- إجراءات تثبيت الملكية في السجل العقاري)

هذه الجلسات تعرّف النازحين على طرق استخراج الأوراق الرسمية كما تشرح الحقوق المدنية ومسائل الأحوال الشخصية كالميراث وتحديد حق كل طرف من أطراف الورثة، كما تعمل على التوعية بضرورة الحفاظ على أبسط الأوراق المتواجدة معهم كالفواتير وإيصالات الدفع وغيرها.

يتم من خلال الجلسات تعريف المستفيدين بأماكن أمانات السجل المدني والإجراءات المطلوبة والتكلفة المالية لكل وثيقة فيها.

أمّا عن الاستشارات الفردية، توفر إحسان لمن هم بحاجة من نساء ورجال ويافعين/ات ومن ضمنهم الأشخاص ذوي الإعاقة استشارات قانونية، بهدف تقديم خدمة للمستفيدين في القضايا المتعلقة بالقانون المدني (الطلاق والزواجالعقارات – تسجيل ولادات – نقل الملكية) حيث تتم الإجابة على الأسئلة المطروحة وتحديد مواقع المحاكم الشرعية وكل ما يتصل بها من تكلفة مالية وإجراءات واجبة الاتباع، كما يتم مرافقة بعض الأشخاص لاستكمال هذه الإجراءات وذلك في الحالات الخاصة.

 

قامت إحسان بالعديد من جلسات رفع الوعي القانوني في مراكزها الواقعة في ريف حلب الشمالي والغربي وإدلب، والتي استفاد منها 16,346 مستفيد من كافة الفئات العمرية، كما قدمت العديد من الاستشارات القانونية والتي استفاد منها 2,413 شخص، وشكلت نسبة ذوي الإعاقة من المجموع العام للمستفيدين حوالي %7 .

 

يؤكد الخطيب أن الدعم القانوني يحتاج إلى جهود أكبر وعدد أكثر من المنظمات بسبب الحاجة الكبيرة من المجتمع وضرورة أن يكون هناك برامج جديدة مثل الدراسات القانونية والإحصائيات القانونية، لذلك تقوم مراكز إحسان بتقديم جلسات التوعية القانونية في مختلف المواضيع سواء المدنية أو العقارية وتقديم الاستشارات القانونية في أي مشكلة قانونية قد تواجه المستفيد في المجتمع

 

فقدان الوثائق الرسمية تحرم صاحبها من أبسط حقوقه ولربما تمنعه من وطنه وبيته وأرضه مستقبلاً، فيصبح لاجئاً غريباً عن بلده الذي ولد وكبر فيه، لذلك من الضروري الاهتمام بالوثائق الرسمية واستخراجها والحفاظ عليها قدر المستطاع، لأنها ستكون يوماً ما الوسيلة الوحيدة لاسترجاع كافة الحقوق.