الزراعة في سوريا … بلد الزيتون والياسمين والقمح يحصد الموت!

لم ينجُ أحد من الحرب الدائرة في سوريا منذ 11 عاماً، حتى أرضها لقت من التدمير والتلوث ومخلفات الحرب ما يكفي، فتحولت من أرض زراعية تشكل %17.6 من الناتج المحلي الإجمالي حسب تقديرات عام 2010 إلى أرضٍ ملوثة بالدماء والقنابل والحرائق وغيرها الكثير.

لا تأتي أهمية الزراعة في سوريا فقط من أجل الاكتفاء الذاتي بل تُصدّر العديد من المنتجات الزراعية منها الحبوب والبقوليات والفواكه والخضروات، كما أنها تفيد في تشغيل الأيدي العاملة حيث يعمل بها أكثر من %20 من السكان، لكن الوضع اختلف اليوم كثيراً، فبلد الزيتون والياسمين والقمح يحصد الموت!

بسبب تصاعد العمليات العسكرية في الشمال السوري، فإن منطقة سلقين (التابعة لمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا) احتوت عدداً كبيراً من النازحين، بشكلٍ يفوق قدرة المجتمعات المضيفة في استيعاب هذا الضغط على المصادر المتاحة، وخصوصاً الوصول إلى مصادر الغذاء وسبل العيش.

تعمل إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، منذ سنوات على مشاريع لدعم الزراعة في المنطقة بهدف الوصول إلى زيادة في الإنتاج الزراعي وزيادة فرص توليد الدخل، مما يساهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي بمنطقة سلقين، وتعزيز الرابط الاجتماعي بين المجتمعات المُضيفة والمجتمعات النازحة لهذه المنطقة.

من هذه المشاريع دعم سلسلة القمح في منطقة سلقين، وذلك من خلال دعم 150 مستفيد من مزارعي القمح في المجتمعات المضيفة، عن طريق شراء وتوزيع مدخلات زراعية تتضمن يوريا %46، أكياس تعبئة بلاستيكية 50 كغ، قسيمة دعم وقود للري.

يُضاف على المشروع شراء 1.5 طن قمح من المزارعين المدعومين (وفقاً لسعر القمح خلال فترة حصاد المحصول) عن طريق قسيمة نقدية يتم توزيعها على المزارعين المدعومين بعد الإنتاج، وتخزينها لتكون بذار للموسم القادم وتوزيعها مجاناً للمزارعين للبدء بموسم 2023-2024.

تعمل إحسان أيضاً على دعم ثلاث نساء في المجتمعات المضيفة والنازحة من خلال برنامج دعم التصنيع الغذائي في منطقة سلقين وذلك عن طريق تجهيز مركز للتصنيع الغذائي وشراء المواد الخام الأولية وتغطية التكاليف التشغيلية للمركز لمدة 7 أشهر، بالإضافة لتغطية أجور النساء الثلاث العاملات في المركز لمدة 5 أشهر، كما يتضمن المشروع عرض وتسويق المنتجات في الأسواق المحلية وفي نقاط البيع بالتنسيق مع المجلس المحلي.

كما تقوم إحسان بتدريب 75 شخص لتحسين قدراتهم في مهارات ومفاهيم ريادة الأعمال ودراسة نموذج الأعمال وعرض القيمة والتسويق وإدارة المشاريع والدراسة المالية ودراسة الجدوى، من ثم يدعم المشروع 50 شخصاً بمنحة صغيرة على شكل قسيمة نقدية، وستقدم كل منحة على قسطين.

يساعد المشروع على استعادة المشاريع التجارية والزراعية والمحلية (الصغيرة والمتوسطة) في مدينة سلقين أصحاب هذه المشاريع، نساءً ورجالاً، في المجتمعات المضيفة والنازحة، الذين يعانون من التحديات المتعلقة بالتدهور الاقتصادي.

أيضاً، ضمن مشاريع دعم الزراعة، تساعد إحسان 500 امرأة (250 امرأة من مجتمع النازحين و250 من المجتمع المضيف) على المشاركة في أنشطة النقد مقابل العمل لحصاد الزيتون بهدف تقديم دعم الحصاد لـ 620 أرض لمزارعي الزيتون في موسم 2022.

لابدّ من وجود عقباتٍ تعترض طريق العمل والنجاح، وهذا هو الحال مع المشاريع التي تعمل عليها إحسان في مجال الزراعة، حيث أدت الحرب الأوكرانية الروسية لزيادة الطلب على مادة القمح، مما أدى إلى ارتفاع أسعار القمح، كما أنّ هناك عدد كبير من المزارعين الذين يحتاجون إلى الدعم لتقوية إنتاجهم، ما يجعل المشروع محدود، ولا يلبي جميع الذين تقدّموا عليه.

 

ولدنا ونحن نتشرب حب الأرض والوطن، وسمعنا كثيراً أنّه محالٌ أن ينتهي الليمون، وأنّ الوطن شجرة طيّبة لا تنمو إلا في تربة التضحيّات، كما حال سوريا، لذلك نعمل دائماً على دعم هذه الأرض وسواعدها، فتكون عوناً للسوريين ومصدراً لفخرهم ورزقهم.