دعم الأنشطة الزراعية والثروة الحيوانية في عدة محافظات سورية بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة

إن المرء ليعجب من إرادة السوريين في الصمود وتصميمهم على متابعة الحياة أمام حرب طاحنة لا تزال مستمرة منذ ما يزيد عن سبع سنوات أتت فيها على معظم البنى التحتية في العديد من مناطق سوريا، وصار عسيرا على السوريين دفع عجلة الإنتاج وتأمين لقمة العيش في ظل هذه الظروف الصعبة. نعم إن الحاجة ملحّة للاستجابة الطارئة بالمعونات الغذائية والمأوى وسلال النظافة والسلال الشتوية لأكثر من 6.1 مليون نازح داخلي وخاصة مع ارتفاع وتيرة المعارك في الآونة الأخيرة والتي أدت لنزوح نحو 300 ألف مدني في محافظة إدلب. بالإضافة لنزوح عدد كبير من ريف دمشق وريف حمص الشمالي. إلا أنّ معظم السوريين يفضلون إنتاج محاصيلهم وكسب أرزاقهم بأيديهم عن مجرد الحصول على سلال المعونة الغذائية، وهذا ما دفع بالعديد من المنظمات الإنسانية إلى إقامة مشاريع دعم قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش بطريقة تتيح للناس الحصول على لقمة العيش الكريمة وبشكل مستدام.

وأبلغ مثال على ذلك هو المشروع الذي أطلقه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتمكين الأسر الأكثر حاجة من النازحين والمجتمعات المضيفة لهم في عدد من المحافظات السورية من خلال دعم الأنشطة الزراعية ودعم قطاع الثروة الحيوانية، ويجري تنفيذ المشروع بالتعاون مع مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية.

يتألف المشروع من قسمين رئيسيين، القسم الأول هو دعم الأنشطة الزراعية في ريف حلب الغربي ومنطقة قلعة المضيق في محافظة حماه, أما القسم الثاني فهو دعم قطاع الثروة الحيوانية في محافظة درعا وفي منطقة اعزاز في ريف حلب الشمالي.

فيما يخص دعم الأنشطة الزراعية فهو يقوم على مرحلتين: الأولى، تم فيها دعم  3390 أسرة مقيمة و3390 أسرة نازحة من خلال توزيع البذار الكافية لزراعة 3.5 دونم من الخضار الصيفية (بندورة – فليفلة – باذنجان – خيار) وذلك بمعدل 3 دونم للعائلات المستضيفة الأكثر احتياجا و0.5 دونم (حدائق منزلية للأسر النازحة) ويتم إقامة علاقة بين المستفيدين المستضيفين والنازحين من خلال إعطاء افضلية للسكان المستضيفين الذين يوافقون على إعطاء 0.5 دونم من أرضهم لعائلة نازحة بدون مقابل لزراعتها كحديقة منزلية للخضار الصيفية السابقة ليقوموا بدورهم بزراعتها، كما تشمل المدخلات الزراعية التي يقدمها فريق المشروع أسمدة متوازنة (NPK) ومبيدات للآفات الزراعية وقسيمة وقود (مازوت) لدعم الري التكميلي بقيمة 60 ليتر لكل مستفيد.

أما المرحلة الثانية لدعم الأنشطة الزراعية من المشروع : تقوم فيها منظمة إحسان بتقديم البذار الكافي لزراعة 5 دونم لكل مستفيد بمعدل 25 كغ للدونم تقدَّم إلى 3390 مستفيد، موزعة بحسب درجة أهمية محصول القمح بكل منطقة وتوفر المساحات وعدد السكان وتوافر المصادر الطبيعية وبشكل خاص مصادر مياه الري، كما يتم دعم المستفيدين بسماد مركب NPK بمعدل 15 كغ للدونم الواحد بحيث يحقق احتياجات محصول القمح خلال كافة مراحله البيولوجية. بالإضافة إلى تقديم مبيدات للآفات الزراعية وتوزيع قسائم وقود لدعم الري التكميلي للأسر المقيمة والنازحة. وكذلك ستقام دورات تشمل التدريبات التقنية والفنية للمزارعين المستهدفين لزيادة مهاراتهم المعرفية عن أفضل الممارسات الزراعية لزراعة محاصيل القمح، إذ ستكون متزامنة مع الممارسات الزراعية الأساسية.

وفيما يقوم القسم الثاني من المشروع بدعم الثروة الحيوانية على محورين: المحور الأول توزيع 4020 نعجة وعلف يكفيها لثلاث أشهر لـ 2010 أسرة (بمعدل نعجتين لكل أسرة) في منطقتي اعزاز ودرعا، مع تأمين  الأعلاف بنوعيها (مركّبة ومالئة) واللقاحات والأدوية والعناية البيطرية المجّانيّة الكاملة لهذه الأغنام.

والمحور الثاني تقديم 100 بقرة فريزيان حلوب مع أعلاف بنوعيها (مركّبة ومالئة) تكفيها لمدة شهرين متتاليين لـ 100 أسرة مستفيدة في المناطق المذكورة، كما يتم توفير الأدوية واللقاحات اللازمة والإشراف البيطري الكامل لهذه الأبقار، على أن تتم مراقبتها من قبل المشرفين على المشروع لمدة ستة أشهر، وسيتم خلال هذه الفترة أخذ جزء من الحليب (5 كغ) من كل بقرة بشكل يومي وتوزيعه لـ 100 أسرة نازحة في نفس المناطق المستهدفة. وخلال فترة تنفيذ المشروع يجري رفع المستوى الفني للمستفيدين والمتعلق بالرعاية السليمة للمواشي من خلال تنفيذ تدريبات تقنيّة سيقوم بها مختصّون بالثروة الحيوانية، في مناطق تنفيذ المشروع في كل من حلب ودرعا.

من جانبه عبر د.مصطفى مدير المشروع في مؤسسة إحسان عن أهمية هذه الخطوة بقوله: “إن حاجة الناس في سوريا لم تعد مقتصرة على طلب القوت من خلال سلة الغذاء الشهرية، بل إن حاجتهم للشعور بقدرتهم على الإنتاج أصبحت دافعاً لهم للصمود في وجه الظروف القاسية التي يواجهونها. وإن المشروع الذي يجري تنفيذه بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية هو خطوة غاية في الأهمية في الاتجاه الصحيح نحو تمكين الناس من قدرتهم على تأمين قوت يومهم والعيش بكرامة”.